هل يعني اختفاء حسن نصر الله نهاية حزب الله اللبناني؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، رسميا، أن الغارة التي شنها، مساء الجمعة ٢٧/٩، ضد مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت أدت إلى مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر وعدد من القيادات أثناء اجتماع عقدوه في مخبأ يقع على عمق ٢٠ مترا تحت الأرض. كما أكد حزب الله، بعد ساعات من الإعلان الإسرائيلي، نبأ مقتل زعيمه حسن نصر الله، ويبقى السؤال عن المرحلة المقبلة، وهل يعني اختفاء الزعيم التاريخي ومؤسس حزب الله إلى نهاية التنظيم؟

حزب الله في الساحة السياسية وفي المجتمع اللبناني

لا يقتصر وجود حزب الله على تنظيمه المسلح، المصنف كتنظيم إرهابي في أوروبا والولايات المتحدة، وإنما هو حزب سياسي رئيسي على الساحة اللبنانية يتمتع بنواب في البرلمان ووزراء في الحكومة، والأهم من ذلك أنه يلعب دورا مجتمعيا هاما بالنسبة للطائفة الشيعية عبر العديد من المنشآت التعليمية والمستشفيات ونظام هام للمعونة الاجتماعية، بالإضافة إلى أنظمة البنية التحتية مثل الاتصالات والطاقة في المناطق الشيعية، حتى يمكن القول بأن حزب الله كان يدير كافة جوانب حياة هذه الطائفة في لبنان.

لا يقتصر دور الحزب على الطائفة الشيعية، وإنما يتمتع بنفوذ سياسي، هو الأكبر، على مستوى البلاد عموما، حتى أنه كان يوصف بدولة داخل الدولة، والخيارات الأساسية للمناصب المختلفة في الدولة اللبنانية، بدء من منصب الرئاسة وحتى منصب مدير دائرة حكومية، كان لابد لها من الحصول على موافقة حزب الله.

حزب الله يعتمد، اقتصاديا، وبصورة رئيسية، على التمويل الإيراني، ولكنه يتمتع أيضا ببنية اقتصادية تتمثل في عدد كبير من الشركات في لبنان وفي بعض البلدان الافريقية، ويشير الكثير من الخبراء إلى انشطة الحزب المالية غير المشروعة بدء من فرض الإتاوات وحتى التجارة في المخدرات.

ميليشيا الحزب، الذي قال نصر الله أنها تتألف من ١٠٠ ألف مقاتل وتتمتع بتسليح قوي ومتطور، تشكل العنصر الرئيسي لنفوذه، خصوصا وأن إمكانياتها تتجاوز إمكانيات الجيش اللبناني.

في نهاية الأمر، فإن حزب الله يعبر عن تيار أيديولوجي وطائفي داخل المجتمع اللبناني، ويصعب بالتالي القول بإن اختفاء زعيمه التاريخي سينهي وجوده، وإن كانت الضربات الإسرائيلية المتلاحقة قد أدت لإضعافه بصورة كبيرة.

حزب الله من المقاومة في ٢٠٠٦ إلى السلطة في ٢٢٠٤

تغير وضع حزب الله لدى الرأي العام العربي بصورة جذرية منذ ٢٠٠٦، وتراجعت صورة القوة المقاومة التي نجحت في هزيمة الجيش الإسرائيلي، مما أدى لأن يتمتع الحزب وزعيمه حسن نصر الله بزخم شعبي واسع النطاق، تجاوز الحدود اللبنانية إلى كافة بلدان المنطقة، في ذلك الحين.

تراجعت شعبية حزب الله بصورة كبيرة بعد تدخله القوي في سوريا، في ٢٠١٣، إلى جانب نظام بشار الأسد، بسبب هذا التدخل وما نقله مراقبون عن ممارساته تجاه السوريين بدء من فرض الوجود والهيمنة على مناطق ومدن بأكملها في سوريا وحتى عمليات القتل وفظائع ينسبها هؤلاء المراقبين لمقاتلي حزب الله في سوريا.

المؤكد هو أن الحزب فقد الجزء الرئيسي من تأييد وتعاطف الرأي العام اللبناني والعربي الذي حصل عليه في ٢٠٠٦، ويشير مراقبون لبنانيون إلى الفارق في استقبال وترحيب اللبنانيين بالنازحين من الجنوب أثناء حرب ٢٠٠٦ وما حدث، على هذا الصعيد، في الأيام الأخيرة.

إيران بين الرد واستراتيجية العودة إلى المجتمع الدولي

يرى بعض الخبراء أن إيران يمكن أن تتولى، بصورة مباشرة، قيادة حزب الله خلال مرحلة مقبلة، خصوصا وأنه يبدو أن الحزب لم يفقد زعيمه التاريخي فقط، وإنما فقد أيضا جزء رئيسيا من قياداته من الصف الأول والثاني خلال الأيام الماضية من خلال الضربات الإسرائيلية التي بدأت مع عملية الباجيرز وحتى اغتيال نصر الله والقادة الذين كانوا معه، مرورا بعمليات اغتيال لقيادات رئيسية للحزب.

المؤكد أن طهران تجد نفسها في مأزق كبير، فإنها في حاجة ملحة للرد على الهجمات الإسرائيلية بدء من ضرب قنصليتها في دمشق ومرورا باغتيال اسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية وحتى الهجوم المستمر ضد حزب الله في لبنان، وإلا كشفت عن ضعف وهشاشة النظام.

ولكن الرد على إسرائيل واشعال حرب إقليمية يتناقض مباشرة مع استراتيجيتها الجديدة الهادفة للعودة إلى صفوف الأسرة الدولية والخروج من عزلتها ومن نظام العقوبات الدولية، وكانت قد مهدت لهذه الاستراتيجية باختيار رئيس جمهورية معتدل أعاد بعض الشخصيات التي ساهمت في مفاوضات الملف النووي مع أوروبا والولايات المتحدة.

في نهاية الأمر، يبقى السؤال عما إذا كان اختفاء شخصية، أيا كانت أهميتها، يمكن أن يغير مسار سياسات وصراعات ممتدة منذ منتصف القرن الماضي؟ سؤال قد يجد الإجابة عليه خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *